العادات والتقاليد
العادات والتقاليد، هي حصيلة التطور التاريخي والحضاري للأفراد والزمر الاجتماعية في البيئة الكردية، وقد استقرت عليها منذ الأزمنة القديمة وحتى الآن، إلا أن هناك اختلافا في بعض نواحيها حسب اختلاف البيئات الجغرافية الكردية .
"
يحترم الكرد أبناء العائلات النبيلة وأحفاد المناضلين حتى وإن كانوا غير فاعلين بحد ذاتهم كما أن عادة الثأر تشمل الفرد وعائلته ولا تلزم قبيلته
"
ومن التقاليد التي رصدها المستشرقون والرحالة عند المجتمع الكردي، وأوردها (تومابوا) احترام العائلات القديمة النبيلة، وفي الواقع فإن ملاحظة هؤلاء المستشرقين صائبة ولم تزل قائمة، إذ ما زال المجتمع الكردي ينظر بإجلال كبير إلى أحفاد رؤساء الأسر التي ناضلت من أجل الشعب الكردي في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، رغم أن هؤلاء الأحفاد ربما لم يبذلوا شيئاً يُذكر تجاه قومهم. لكن المجتمع مازال ينظر إليهم كأحفاد لسلالة طيبة، ومثل هذا ينسحب على أحفاد الأسر الدينية أو أحفاد رؤساء العشائر والوجهاء، رغم أن هؤلاء الأحفاد لا ثراء لهم اليوم. إن مثل هذا السلوك يمثل وفاء من الكرد إزاء قادتهم السياسيين أو الدينيين أو الاجتماعيين.
وهناك عادة أخرى في المجتمع الكردي، وهي عادة (الثأر) وإن اختفت كلياً في المدينة، وبقيت إلى حد ما في القرى، فالثأر الكردي هو مظهر من مظاهر الانتقام الذي يلجأ اليه الشخص المعتدي عليه. وخلافاً للثأر العربي أو الثأر العشائري بوجه عام، فإن الثأر الكردي مسؤولية عائلية وليس عشائرية أو نسبية كما في المجتمع العربي، أي أنه مسؤولية الأقرباء الأقربين فقط. ويمكن أن يعزى ذلك إلى تأثير العامل الجغرافي، فالانعزال الجغرافي للقرية والبناء الطبوغرافي الوعر للمنطقة قد جنب مجتمع القرية تبني سياسة الانتقام من أجل الفرد.
أما ظاهرة تعدد الأبناء، فما زالت لها قيمة أساسية في المجتمع الكردي الحضري بصورة عامة وفي المجتمع الريفي بصورة خاصة، وتفضيل الأبناء الذكور على الإناث شائع أيضاً. ولا تستطيع المرأة أن تأخذ وضعها الاجتماعي والنفسي إلا بعد إنجاب الابن الوارث. وتقاس قوة الأسرة عن طريق أبنائها الذكور. وفي إطار سيطرة هذه القيمة خضعت المرأة لهذه القيمة ولديناميات السوق، فقد تؤدي حالتها إلى الطلاق إذا لم تنجب طفلاً ذكراً في كثير من الأحيان.
بين التدين والانفتاح على الغرب
إن القيم التي تتحكم بالعلاقات ضمن العائلة الكردية قد تتحكم إلى حد بعيد بالعلاقات ضمن المؤسسات الأخرى في المجتمع، كالمؤسسات الدينية والسياسية والتربية والعمل. وبالرغم من ظهور القيم السلفية والأصولية والقدرية والانغلاق وغيرها، يشهد المجتمع الكردي في مرحلته الانتقالية منذ فترة التسعينيات أو بالأحرى استقلال كردستان عن الحكومة المركزية في بغداد ظهور قيم جديدة في المجتمع الكردي خاصة عند الشباب، كقيم الانفتاح على الغرب، حيث تبنى الشباب الكثير من معتقدات الغرب وأزيائه ومفاهيمه، بما في ذلك ثقافة العولمة والإنترنت، حتى أن بعض الشباب المتخرجين في الجامعات الغربية، يحاول التكلم باللغة الإنجليزية والتخلي عن تقاليدها القديمة.
"
برغم ظهور القيم الدينية السلفية في كردستان فإن الشباب الكردي بات يتبنى بشكل متزايد قيم الانفتاح على الغرب ويفضل التحدث بالإنجليزية
"
وهكذا تتصارع في المجتمع الكردي المعاصر تيارات عديدة تميل باتجاه السلفية من ناحية والمستقبلية من ناحية أخرى (معاكسة) وخاصة عند الجيل الصاعد من الشباب الكردي الرافض للماضي والتقاليد، ويتجلى هذا الصراع في الحياة اليومية، والحركات السياسية، والاتجاهات الفكرية ومختلف النشاطات الإنسانية.
ومن القيم الاجتماعية التي برزت بشكل واضح أيضاً بعد فترة التسعينيات من القرن العشرين، بسبب هجرة العمالة والكفاءة الكردية للخارج وسياسة الانفتاح الاقتصادي، تنامي قيم الاتجاهات الاستهلاكية المفرطة، وسيادة القيم الفردية، والإغراق في تحقيق الطموحات الشخصية القصيرة الأجل، وسيادة قيمة المال على كل قيمة أخرى، وظهور قيم التعددية السياسية وقبول الرأي الآخر والديمقراطية والمواطنة، وقيم التغرب عن المجتمع.
غالبية الكرد مسلمون، وأكثرهم من أهل السنة والجماعة، وقبل دخولهم الإسلام في القرن السابع الميلادي كان الكرد يعتنقون الديانة الزرداشتية التي لم تعرف إلا بين الأقوام الارية. ولقد تحول الكرد عام (20) للهجرة من الديانة الزرداشتية إلى الإسلام من دون أن يمروا بالمسيحية، وكانت الزرداشتية الديانة المشتركة التي ينتمي إليها جميع الكرد.
وينتمي غالبية الكرد إلى المذهب الشافعي. وقد أختاروا هذا المذهب، لتأكيد اختلافهم عن الأتراك الذين اختاروا المذهب الحنفي، ويعزى الباحثون انتماءهم لهذا المذهب إلى خضوع كردستان المبكر للحكام السُنة، وكذلك نشاط علماء الدين الكرد الذين درسوا العلوم الدينية في المدرسة النظامية ببغداد أثناء الخلافة العباسية التي كانت تتبنى المذهب الشافعي.
وتنتشر بين الكرد الطرق الصوفية التي تختلف عن بعضها اختلافاً بسيطاً، وأكثر الطرق شيوعاً هي الطريقة القادرية، والطريقة النقشبندية، وقد لعب رجل الدين الذي يدعى (ملا) في كردستان دوراً بارزاً وإيجابياً في الحركة الوطنية التحريرية الكردية من حيث الولاء والانخراط فيها.
وبين الكرد، فضلاً عن الدين الإسلامي، اتباع لأديان ومذاهب اخرى، كالمسيحية، واليزدية، والعلي اللاهيين، والعلويين، وأهل الحق، والكاكائية. أما اليهود في كردستان العراق، فقد هاجروا إلى إسرائيل بداية عام 1948، وهم معروفون ألآن كجالية كردية يهودية.